Wednesday, October 22, 2014

لماذا فشلت الثورات العربية في تحولها للديموقراطية

          الكثير كان يعتقد أن مشكلة الدول العربية تكمن في حكامها ولو سقط حاكم أي دولة عربية
فستتحول دولتة بيوم وليلة إلى دولة متطورة في مصاف الدول المتقدمة بنظام ديموقراطي غربي
مثل دول العالم الأول ، وأن العرب جاهزون لتجربة الديموقراطية منذ سنوات ولكن لم يعطوا فرصة 
بينما كانت النتيجة العكس تماما والسبب هو :

           لا يمكن في عالمنا العربي أن نطلب من كهل في الستين أن يبدأ في ممارسة الديموقراطية ،
بل لابُدّ أن تبدأ العملية في المدرسة الابتدائية ومع انتخاب لجان النشاط الطلابي المدرسي ،
وتصعد مع الطالب حيثما صعد … وكل انتخاب يحل محل تعيين ، سواء كنا نتحدث عن عمدة المدينة ،
أو رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية ، أو شيخ التجار ..
هو خطوة في الطريق الصحيح نحو خلق المناخ الصحي 
الذي تستطيع الديموقراطية أن تتنفس في هوائه. 


            الديموقراطية ليست صيغة ولكنها عملية

وليست وثيقة ولكنها ممارسة، وليست قانوناً ولكنها عرف.
لايمكن لمجتمع أن يوكل شؤونه الكبرى لبرلمان منتخب
وشؤونه الصغرى كلها في يد موظفين معينين.
يجب أن تتم التعددية على كافة المستويات، صغيرها قبل كبيرها.
ما لم ينتخب أهل القرية مجلسها البلدي، وينتخب أهل المقاطعة مجلس المقاطعة،
تفقد الانتخابات “الوطنية” في العاصمة كل مدلول …


             إن الخيار ليس، كما يتصور أعداء التغيير، بين الديموقراطية الغربية التي لا تستطيع نقلها حتى لو شئنا،

وبين “الخصوصية الوطنية” المتّسمة بالجمود والهمود .
بوسعنا، إذا انعقد العزم. تطوير تعددية حقيقية، بمؤسسات فاعلة تعكس رأي الشعب ،
دون أن نفقد ذرة واحدة من أصالتنا العربية والإسلامية .
إلا أن التعددية لا يمكن أن تنشأ في فراغ .
هناك مقومات أساسية لا يمكن إذا انعدمت أن يسود أي نظام سوى القمعي .

              من هذه المستلزمات وجود أغلبية متعلمة ميسورة الحال ،
ومنها مجتمع مدني نشط، له مؤسساته الحرة الفاعلة.
ومنها أن تذوب الولاءات الضيقة بمختلف أنواعها، في ولاء أعمق للوطن .
ومنها وجود قضاء مستقل . ومنها وضع إجراءات تحمي المواطن من الاعتقال التعسفي .
ومنها ازدهار تقاليد من التسامح وقبول الرأي الاخر .
هذا، كله ، يستحيل تحقيقه بين يوم وليلة، ويتطلب إصلاحات تدريجية متلاحقة ،
تحتاج إلى مدى زمني معقول .


كان هذا نقل لما كتبة الدكتور غازي القصيبي رحمة الله
في كتاب أمريكا والسعودية والمطبوع في ٢٠٠٢
قبل الثورات العربية والإنقلابات
ولكنه يذكر بالتفصيل سبب فشل الديموقراطية وكأنه عاصرها

محمد الشبل  ٢٠١٤

No comments:

Post a Comment